يوسف حاج علي - السفير
على الرصيف البارد، وتحت زخات المطر، جلس الشاب اليساري القرفصاء ليكتب على لافتته الكرتونية التي سيرفعها بعد قليل »لا للعلاقات الديبلوماسية مع الكيان الصهيوني«. على مقربة منه، جلست مجموعة من خمسة إلى ستة شبان وشابات حول صفيحة حديدية مشتعلة بحثاً عن قليل من الدفء في هذا اليوم الماطر. لكن مطر الأمس والبرد القارس لن يمنعا القوى الشبابية اليسارية، اللبنانية والفلسطينية، من تنظيم مسيرتها تضامناً مع المقاومة في غزة، وكسراً للصمت العربي.
تصل سيارة »جيب« سوداء. في صندوق السيارة الخلفي مولد كهربائي صغير تم إيصاله الى مكبر للصوت وضع على سطح السيارة وفوقه كيس بلاستيكي شفاف. على السطح نفسه يجلس طفل لا يتعدى العاشرة من عمره، بلباس عسكري، يرفع علماً فلسطينياً على امتداد مسافة المسيرة من وسط بيروت، الى منطقة السوديكو. مكبر الصوت يتولى تحفيز المتظاهرين وبث الحماس فيهم طوال الطريق بواسطة أغاني مرسيل خليفة، خالد الهبر، وأحمد قعبور.
يقف عربي العنداري، رئيس المجلس الوطني في اتحاد الشباب الديموقراطي، على دعامة إسمنتية ليوصل صوته الى الجميع. يؤكد على الرفاق والرفيقات المشاركين سلمية التظاهرة. يقول لهم إننا نريد أن نسلم مذكرة الى مكتب جامعة الدول العربية ونقول »مش ناطرين منكن شي«. ونريد أن ندين الحكام العرب على أدائهم »المْرتّ«. كما يذكر بالسهرة التضامنية وإضاءة الشموع قرب »الأسكوا«، مساء.
دقائق وتنطلق التظاهرة. تتقدمها لافتة حمراء كبيرة ترفض الصمت والتخاذل الرسمي العربي. وبجانب اللافتة علقت ثلاث ألعاب بلاستيكية لأطفال على قطعة قماش بيضاء، لطخت بالحبر الأحمر، وكتب بالقرب منها »افتحوا المعابر لهم وهم أحياء، لا تفتحوها وهم أموات«.
تتجاور المظلات الملونة الى جانب الأعلام اللبنانية والفلسطينية والشعارات المرفوعة. تخرج من تحت المظلات أصوات »تقرّع« كلاً من الرئيس المصري حسني مبارك، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل. وتطال أيضاً الأنظمة العربية والولايات المتحدة وبريطانيا. تشدد الأصوات الهادرة على عروبة فلسطين، وعلى الشعب الذي لا يموت ويلبس ثوب الحرية... بدمه.
على جانب الطريق قرب جسر فؤاد شهاب يجلس شابان لكتابة لافتة خاصة للقادة العرب: »صبّاط (حذاء) لكل زعيم منكم«. هذه اللافتة سترفع امام مكتب جامعة الدول العربية، حيث تنتهي المسيرة. وسيحضر أيضاً كيس الأحذية العتيقة.
الجيش اللبناني يواكب المسيرة. عناصره تسير الى جانب المتظاهرين. قرب تقاطع بشارة الخوري يسارع عمال محطة الوقود المصريين الى إغلاق الأبواب الحديدية للمحطة. عندما يُسألون، لا يجيبون عن السبب الحقيقي للإغلاق. يقولون إن هذه أوامر الإدارة. المسؤول عنهم يقول إن سبب الاغلاق هو التحسب للأسوأ. لكن المسيرة سلمية. هكذا انطلقت وهكذا ستنتهي.
يصل المتظاهرون الى منطقة السوديكو حيث الحاجز الحديدي الأول لقوى الأمن الداخلي. تتوقف المسيرة. من بين الحواجز تخرج صبية سمراء لتوزع على المشاركين بطاقات معايدة تقول »غزة كل عام وأنت باقية وبخير. فلتنتعش الحياة في عروقك. نحن كلنا غزة«.
ضابط قوى الأمن الداخلي بنجومه الفضية الثلاث يتحدث الى المنظمين. يقول لهم إنهم اذا حافظوا على هدوئهم سيسمح لهم بالانتقال الى الحاجز الثاني. المتظاهرون مسالمون. اذاً، الى الحاجز الثاني. يطلب الضابط من عناصره رفع الحاجز الحديدي الأول من أمام المتظاهرين . يقول مبتسماً إنه من النوادر ان تنسحب القوى الأمنية من اجل السماح للمتظاهرين بالمرور. فيبتسم الجميع.
قرب مسجد بيضون تباغت التظاهرة الأهالي. يطلون من على الشرفات ويلتقطون صورها بهواتفهم الخلوية. الطريق باتجاه الأشرفية، من الناحية الثانية للمسجد مقطوعة أيضاً.
الشاب الأسمر، العاري الصدر، صلب نفسه على قطعتين من الخشب والحديد. لم يغط صدره سوى بعلم فلسطيني، ورأسه بكوفية. صنع علامة النصر بأصابعه ووقف أمام فلاشات الكاميرات ليذكر بالطفل الذي ولد في مثل هذه الأيام، في مغارة، وفي الوطن الذي تصلبه اسرائيل كل يوم.
يتقدم ثلاثة شبان لتقديم المذكرة الى مكتب الجامعة. تطالب المذكرة الدول العربية التي ترتبط بعلاقات ديبلوماسية مع الكيان الصهيوني وبالتحديد مصر والأردن وموريتانيا أن تقفل سفارات العدو وأن تطرد السفراء. وتطالب الحكومات والدول التي لها شراكات اقتصادية مع اسرائيل مثل المغرب وقطر وتونس وعمان بأن تلغي جميع الاتفاقيات. وتطالب النظام السوري الخروج نهائياً من مشاريع المفاوضات مع اسرائيل، سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة. وتطالب السلطة اللبنانية بفك الحصار الاقتصادي والاجتماعي عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. المطالبة أيضاً بفتح جميع الحدود، لا سيما معبر رفح، من أجل إمداد المقاومة والشعب بالمساعدات والسلاح. والأهم، بحسب المذكرة، مناشدة للشعوب العربية بالتحرك لفرض هذه المطالب على الحكومات والأنظمة.
تصل سيارة »جيب« سوداء. في صندوق السيارة الخلفي مولد كهربائي صغير تم إيصاله الى مكبر للصوت وضع على سطح السيارة وفوقه كيس بلاستيكي شفاف. على السطح نفسه يجلس طفل لا يتعدى العاشرة من عمره، بلباس عسكري، يرفع علماً فلسطينياً على امتداد مسافة المسيرة من وسط بيروت، الى منطقة السوديكو. مكبر الصوت يتولى تحفيز المتظاهرين وبث الحماس فيهم طوال الطريق بواسطة أغاني مرسيل خليفة، خالد الهبر، وأحمد قعبور.
يقف عربي العنداري، رئيس المجلس الوطني في اتحاد الشباب الديموقراطي، على دعامة إسمنتية ليوصل صوته الى الجميع. يؤكد على الرفاق والرفيقات المشاركين سلمية التظاهرة. يقول لهم إننا نريد أن نسلم مذكرة الى مكتب جامعة الدول العربية ونقول »مش ناطرين منكن شي«. ونريد أن ندين الحكام العرب على أدائهم »المْرتّ«. كما يذكر بالسهرة التضامنية وإضاءة الشموع قرب »الأسكوا«، مساء.
دقائق وتنطلق التظاهرة. تتقدمها لافتة حمراء كبيرة ترفض الصمت والتخاذل الرسمي العربي. وبجانب اللافتة علقت ثلاث ألعاب بلاستيكية لأطفال على قطعة قماش بيضاء، لطخت بالحبر الأحمر، وكتب بالقرب منها »افتحوا المعابر لهم وهم أحياء، لا تفتحوها وهم أموات«.
تتجاور المظلات الملونة الى جانب الأعلام اللبنانية والفلسطينية والشعارات المرفوعة. تخرج من تحت المظلات أصوات »تقرّع« كلاً من الرئيس المصري حسني مبارك، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل. وتطال أيضاً الأنظمة العربية والولايات المتحدة وبريطانيا. تشدد الأصوات الهادرة على عروبة فلسطين، وعلى الشعب الذي لا يموت ويلبس ثوب الحرية... بدمه.
على جانب الطريق قرب جسر فؤاد شهاب يجلس شابان لكتابة لافتة خاصة للقادة العرب: »صبّاط (حذاء) لكل زعيم منكم«. هذه اللافتة سترفع امام مكتب جامعة الدول العربية، حيث تنتهي المسيرة. وسيحضر أيضاً كيس الأحذية العتيقة.
الجيش اللبناني يواكب المسيرة. عناصره تسير الى جانب المتظاهرين. قرب تقاطع بشارة الخوري يسارع عمال محطة الوقود المصريين الى إغلاق الأبواب الحديدية للمحطة. عندما يُسألون، لا يجيبون عن السبب الحقيقي للإغلاق. يقولون إن هذه أوامر الإدارة. المسؤول عنهم يقول إن سبب الاغلاق هو التحسب للأسوأ. لكن المسيرة سلمية. هكذا انطلقت وهكذا ستنتهي.
يصل المتظاهرون الى منطقة السوديكو حيث الحاجز الحديدي الأول لقوى الأمن الداخلي. تتوقف المسيرة. من بين الحواجز تخرج صبية سمراء لتوزع على المشاركين بطاقات معايدة تقول »غزة كل عام وأنت باقية وبخير. فلتنتعش الحياة في عروقك. نحن كلنا غزة«.
ضابط قوى الأمن الداخلي بنجومه الفضية الثلاث يتحدث الى المنظمين. يقول لهم إنهم اذا حافظوا على هدوئهم سيسمح لهم بالانتقال الى الحاجز الثاني. المتظاهرون مسالمون. اذاً، الى الحاجز الثاني. يطلب الضابط من عناصره رفع الحاجز الحديدي الأول من أمام المتظاهرين . يقول مبتسماً إنه من النوادر ان تنسحب القوى الأمنية من اجل السماح للمتظاهرين بالمرور. فيبتسم الجميع.
قرب مسجد بيضون تباغت التظاهرة الأهالي. يطلون من على الشرفات ويلتقطون صورها بهواتفهم الخلوية. الطريق باتجاه الأشرفية، من الناحية الثانية للمسجد مقطوعة أيضاً.
الشاب الأسمر، العاري الصدر، صلب نفسه على قطعتين من الخشب والحديد. لم يغط صدره سوى بعلم فلسطيني، ورأسه بكوفية. صنع علامة النصر بأصابعه ووقف أمام فلاشات الكاميرات ليذكر بالطفل الذي ولد في مثل هذه الأيام، في مغارة، وفي الوطن الذي تصلبه اسرائيل كل يوم.
يتقدم ثلاثة شبان لتقديم المذكرة الى مكتب الجامعة. تطالب المذكرة الدول العربية التي ترتبط بعلاقات ديبلوماسية مع الكيان الصهيوني وبالتحديد مصر والأردن وموريتانيا أن تقفل سفارات العدو وأن تطرد السفراء. وتطالب الحكومات والدول التي لها شراكات اقتصادية مع اسرائيل مثل المغرب وقطر وتونس وعمان بأن تلغي جميع الاتفاقيات. وتطالب النظام السوري الخروج نهائياً من مشاريع المفاوضات مع اسرائيل، سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة. وتطالب السلطة اللبنانية بفك الحصار الاقتصادي والاجتماعي عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. المطالبة أيضاً بفتح جميع الحدود، لا سيما معبر رفح، من أجل إمداد المقاومة والشعب بالمساعدات والسلاح. والأهم، بحسب المذكرة، مناشدة للشعوب العربية بالتحرك لفرض هذه المطالب على الحكومات والأنظمة.
No comments:
Post a Comment